للأشخاص الذين يخططون لإجراء ترميم للأسنان، تعتبر التكلفة، والمتانة، وأمان الإجراء الطبي من العوامل الأساسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار. مؤخرًا، قدم علماء من الهند تقنية جديدة مذهلة تُعرف ب"البلمرة الجذرية المُستحثة بالضوء" (PRP)، والتي تمثل طفرة كبيرة في مجال العناية بالأسنان. هذه التقنية لا تقتصر فقط على خفض تكاليف العلاج، بل تعزز أيضًا من فعالية العلاج بشكل كامل، وتعد أكثر صديقة للبيئة.
خلال العقود الماضية، شهد قطاع طب الأسنان تطوراً تدريجياً في استخدام مبادرات ضوئية عضوية لتعزيز أداء المواد، لكن هذه التقنيات عادة ما كانت تواجه مشكلات مثل الحاجة الكبيرة للمحفزات وإنتاج منتجات جانبية سامة. وقد نجح فريق البحث بقيادة الدكتور أجوي كابات، الأستاذ المساعد بكلية العلوم الطبيعية في جامعة شيف نادار، في تطوير محفز مساعد جديد يتغلب على هذه المشكلات من خلال دمج مادة الكامفوركينون، ما أدى إلى جعل الظروف التفاعلية أكثر اعتدالاً والحفاظ على كفاءة عالية حتى في بيئات معرضة للأكسجين.
تقنية PRP تستخدم الاستجابات الكيميائية المُحفزة بالضوء لصناعة مواد الأسنان، مما يجعل العملية أكثر كفاءة واستدامة. المواد التقليدية لترميم الأسنان تتطلب معالجة عند درجات حرارة عالية واستخدام المذيبات، هذه العمليات ليست فقط مُكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً، بل إنها أيضًا تُثقل كاهل البيئة. بالمقابل، تقنية PRP تتخطى هذه الخطوات المعقدة من خلال امتصاص الحساسات الضوئية للطاقة الضوئية وتحويلها إلى طاقة كيميائية، لتكون بذلك بنية المواد الصلبة مباشرة، ما يُقلل بشكل ملحوظ من استهلاك الطاقة وتكاليف الإنتاج.
في السابق، كانت مواد حشو الأسنان التقليدية تستخدم الأمينات العطرية كمُحفّزات، لكن هذه المواد الكيميائية تخلق منتجات ثانوية سامة خلال التفاعل، الأمر الذي يشكل تهديداً لصحة المرضى، وقد يؤدي إلى تغير لون الأسنان أيضًا. تقنية PRP، بدورها، تستبدل هذه المكونات بمركبات كيميائية أكثر أماناً، حيث تحتاج إلى 0.1% فقط من المادة المحفزة لإكمال التفاعل، مما يقلل بشكل كبير من إنتاج النواتج الثانوية السامة ويجعل العلاج أكثر أماناً ويُحسّن صحة الفم. المواد المنتجة باستخدام تقنية PRP تتمتع بقوة عالية، مما يجعلها مثالية للأكل اليومي والمضغ، وهي قادرة على إصلاح الأضرار الكبيرة في الأسنان بفعالية، وتُبقي الأسنان مستقرة لفترة طويلة، مما يقلل من الحاجة لإجراء تصليحات لاحقة ويزيد من عمر الاستخدام.
بعد إجراء الاختبارات، ظهر أن مادة PRP تحافظ على استقرار لونها لأكثر من عامين، وقادرة على تقليد لون الأسنان الطبيعية، مما يحسن من الجمالية بعد علاج التسوس ويفي بمتطلبات المرضى من حيث المظهر. باستخدام الضوء كمصدر للتحفيز، تستطيع تقنية PRP أن تكمل عملية البلمرة في غضون 20 إلى 40 ثانية فقط، بينما تحتاج المواد التقليدية لعدة دقائق لتتصلب، مما يختصر بذلك وقت علاج الأسنان بشكل ملحوظ، ويقلل من الشعور بعدم الراحة للمرضى، ويحسن من كفاءة العمل في عيادات الأسنان. بينما تعاني المواد التقليدية من التقلص خلال عملية التصلب، مما يؤدي لظهور الشقوق بين السن والمادة المستخدمة، ويزيد من خطر تسوس الأسنان مرة أخرى، فإن عملية البلمرة التي يتم تأسيسها من خلال تقنية PRP تكون أكثر استقراراً، وتتمكن من تجنب هذه المشاكل بفعالية، مما يعزز من ختم التسوس ومتانته.
تقنية PRP في صناعة مواد ترميم الأسنان لا تتطلب استخدام مذيبات أو معالجة بدرجات حرارة عالية، مما يقلل من استهلاك الطاقة والتأثير على البيئة، ويتماشى هذا مع متطلبات صناعة الأسنان الحديثة نحو الحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة.
الأهم من ذلك، تمكن تقنية PRP من خفض تكاليف إنتاج مواد الحشو بشكل فعال، وهذا يعني أن المرضى يمكنهم إتمام علاجاتهم بأسعار أكثر تقبلاً، مع الحفاظ على جودة المواد وطول عمرها. بفضل زيادة كفاءة إنتاج المواد، يمكن لعيادات الأسنان أن تكمل الإصلاحات اللازمة للمرضي بسرعة أكبر، مما يقلص من دورة العلاج ويعزز كفاءة الخدمة بشكل عام. يشير الدكتور كابات إلى أن تطبيق تقنية PRP في حشو الأسنان وغيرها من ترميمات الأسنان لا يقتصر على خفض التكاليف فحسب، بل يمكن أن يرفع من جودة التجربة الطبية برمتها، مما يعود بالنفع على المزيد من المرضى. ولا تقتصر آفاق تطبيق تقنية PRP في المستقبل على ترميم الأسنان فقط، بل من المتوقع أن تمتد تدريجياً إلى مجالات طبية وتقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد الأخرى، مثل الغراء بدون مذيبات، والتصنيع الضوئي، والأجهزة الميكروإلكترونية، والدهانات بدون مذيبات وغيرها.
